تجلس على مقعدك و تقرأ الجريدة و أنت في قمة الأستمتاع عندما تلاحظ مرور شيء بطرف عينك .
أنه شيء مظلم و سريع .. أنه مجرد ظل ، من أين أتي و أين ذهب لا يهمك لأنه ببساطه قد مر فربما تكون رؤية نتيجة أرهاق أو ربما كانت مجرد تخيلات .
ترجع ظهرك إلى الخلف للوضع المريح السابق لكي تعاود القراءة و عندما تبدأ في الإندماج مرة أخرى يحدث شيء غريب، و لكنك تنتبه إلي الظل بسرعة هذه المرة ، تراه بوضوح يتحرك بالقرب من سقف الغرفة ليس قريباً منك و لكنك تراه بالفعل ، يأخذ شكل الهيكل الخارجي للأنسان و يستمر في المرور السريع أمام عينيك ، إلي أن يختفي تماماً .
على كل حال لقد أصبحت هذه الظاهرة معروفة الأن و منتشرة بشكل واسع سواء تم وضع وصف أو سبب لحدوثها ام لا . و تؤكد الدراسات على أن هذه الظاهرة ليست وليدة هذه الأيام فقط بل ترجع لعصور قديمة . و لك لم يتم مناقشتها بحرية في الماشي خوفاً من الأتهام بالمس أو بالجنون .
ظهور الظلال . و قد تم ملاحظة أن معظم الرؤي التي تتم تكون بطرف العين و ليست بالنظر المباشر ، كما تكون سريعة و خاطفة لا يمكن تركيز الرؤية على الخيال أو الظلال . و لكن مع الوقت لاحظوا شيئاً غريباً و هو أمكانية رؤية الظلال بشكل مباشر و لمدة أطول ، و بعض التجارب نتج عنها إمكانية رؤية عيون للظل و غالباً تكون باللون الأحمر .
الأستنتاج الذي قمنا بالحصول عليه من الباحثين و العلماء الذين لا يؤمنون إلا بكل شيء مرئي هو الأستنتاج الاول لدينا و هو قائم على تكذيب الفكرة إجمالاً و تفصيلاً و إلقاء الحمل على التخيلات و تلاعب العقل . و وجدنا نفس هذا التفسير من الأشخاص الذين لم يقابلوا مثل هذا الحدث
من قبل ، فنري أن التفسير الأفضل هنا هو خدع الرؤية . يرجح أنها مجرد تلاعب بخيال الضوء أو بخيال جسم مار أمام أضاءة أو ربما هو خيال ناتج عن الأرهاق العقلي فيتم تجسيد اشكال يتهيأ لنا
بإنها حقيقية و لكنها مجرد خيالات ناتجة من العقل الباطن .
يرجع البعض أيضاً مثل هذا النوع من الظهور إلى أنه ناتج عن الهلوسة من تعاطي مخدر . كما يرجع البعض هذا إلي مرض يسمى Hypnagogia أو الأستيقاظ خلال النوم و هي حالة فسيولوجية تحدث للشخص في ما بين النوم و الأستيقاظ و في هذه الحالة يري ما يشبهه الحلم في الواقع فيشعر بإنه نائم و يرى أجسام من حوله داخل الحلم و الاشخاص الذين يعانون من هذا المرض يكونوا أكثر عرضة لرؤية الخيالات و رؤية أجسام من اللاوعي الخاص بهم و هم أكثر الأشخاص التي يصدر عنها تقارير عن رؤية الظلال الغامضة أو الأضواء الغريبة من حولهم . و بالمناسبة يسمي هذا المرض ايضاً
بأسم آخر و هو " وجوه الظلام" لأن هؤلاء الناس عادة يروا وجوه سوداء أثناء نومهم الغير كلي .
أو ظل على الحائط .
و بالنظر إلي كائنات الظل فإننا نرى إنها تتخذ هيكل الإنسان الخارجي بالفعل و ذلك لكونهم مجرد خيال ، و لكن عند التفكير في الأمر فإننا لا نرى أي ملامح أو تفاصيل لكائنات الظل . فهو خيال مصمت ليس له صفات يمكن تحديدها بخلاف الهيكل الخارجي له .
و بالمقارنه بالأشباح فإننا نرى أن هناك العديد من التفاصيل التي يمكن تحديدها بدقة مثل الملابس وتفاصيل الشكل و أيضاً اللون ، و لكن عندما نقارن بكائنات الظل فلا نتمكن من ذلك و الملحوظة الوحيدة التي تم ذكرها أكثر من مرة هو وجود عيون حمراء لكائنات الظل .
يصل بعض الباحثين في نهاية المطاف لكونها أرواح شريرة و شياطين ،و توجد في الطبيعة حولنا بكثرة .و لكن السؤال الذي لم يتم الإجابة عنه !؟ هو لماذا يظهر لنا مثل هذه الأرواح الشريرة على هيئة ظلال . مجرد إخافة البشر
ألم تر إلي ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس عليه دليلا* ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا*
( الفرقان:46,45).
من الدلالات اللغوية للآيتين الكريمتين
*( مد): أصل( المد) الجر, ومنه( المدة) للوقت( الممتد), و(مد) الظل يقصد به تحريكه بانتظام عبر الزمن, والدليل علي ذلك قوله ـ تعالي:... ولو شاء لجعله ساكنا...
*و(الظل) لغة ضد الضح, وهو أقل من الظلمة وأعم من الفيء, ويقال لكل موضع لم تصل إليه الشمس( ظل), وجمعه( ظلال) و(أظلال), و(المظلل) ما يغمره( الظل), ولا تستخدم لفظة الفيء إلا لما زالت عنه الشمس, يقال استظل) بالشيء أي استدري به, ويقال ظللني) الغمام و(أظلني), أي حجب عني أشعة الشمس, ويقال ظل ظليل), أي: فائض الظل ودائمه.
و(الظلة) سحابة( تظل) وجمعها( ظلل) و(ظلال).
ويستخدم التعبيران( ظللت) و(ظلت)( ظلولا) لكل ما يفعل في أثناء النهار. و(المظلة) كل ما يستظل به, وجمعها( مظلات) و(ظلائل).
*( سكن) السكون) ثبوت الشيء بعد تحرك, ولذلك يستعمل في الاستيطان.
واسم المكان( مسكن) والجمع( مساكن), و(السكن)( السكون) وما( يسكن) إليه.
*( قبض) القبض) ضد البسط, والانقباض ضد الانبساط, و(قبض) الشيء أخذه, يقال( قبض) الشيء( قبضا) و(قبض) الشيء( تقبيضا), اذا جمعه وزواه, ويقال قبض) فلان, أي مات, فهو( مقبوض) علي سبيل الكفاية.
*( يسر): بمعني سهل, و(اليسر) ضد العسر, و(ياسره) أي ساهله, يقال تيسر) و(استيسر), أي: تسهل, و(اليسري) السهل, وكذلك( اليسير), و(الميسور), و(اليسير) يقال في الشيء القليل الهين, و(الميسور) و(اليسار) عبارة عن الغني والسعة.
من الدلالات العلمية للنص القرآني الكريم
أولا: في قوله تعالي: ألم تر إلي ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا...*:
الظل آية من آيات النهار, تنتج عن حجب أشعة الضوء المرئي عن منطقة من مناطق سطح الأرض بواسطة أحد الأجسام المعتمة, كالجبال, أو الأشجار, أو الأبنية أو أجساد الكائنات أو كالسحب الكثيفة وغيرها من الأجسام التي تلقي ظلالا اذا سقطت عليها الأشعة المرئية من حزمة الضوء في اتجاه واحد. ويتكون الظل في عكس الاتجاه الذي تأتي منه حزمة الضوء المرئي, والظل قد يطول ويقصر, ويتسع ويضيق وفقا لحركات مصدر الضوء.
ويعتبر كل من كسوف الشمس وخسوف القمر صورة من صور تكون الظل, الذي يتكون بمرور الأرض في ظل القمر, أو بمرور القمر في ظل الأرض, وكذلك تتكون الأشكال المتتالية للقمر من المحاق الي البدر الكامل,( الهلال الأول أو الوليد أو المتنامي, التربيع الأول, والأحدب الأول), ثم من البدر الكامل الي المحاق( الأحدب الثاني, التربيع الثاني, ثم الهلال الثاني أو المتناقص الي المحاق), وكلها تمثل مراحل متدرجة لخروج نصف القمر المواجه للأرض من ظلال نصفه الآخر بالتدريج, أو دخوله فيها بالتدريج كذلك.
وفي قول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ ألم تر الي ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا...* إشارة واضحة الي كل من كروية الأرض ودورانها حول محورها أمام الشمس, وإلي جريها في مدار محدد لها حول ذلك النجم بمحور مائل علي مستوي مدار الشمس, وإلا ما تكون الظل, ولا تبادلت الفصول المناخية. فلو أن الأرض لم تكن كرة ولم تكن دوارة حول محورها أمام الشمس ما امتد الظل, ولا تبادل الليل والنهار, ولو أن كوكبنا لم يكن جاريا باستمرار في مدار محدد حول الشمس, وبمحور مائل علي مدارها ما تبادلت الفصول المناخية ولا تغيرت زوايا سقوط أشعة الشمس علي الأرض وبالتالي تغيرت شدتها ولظلت أشعة الشمس مسلطة باستمرار علي أحد نصفي الأرض المغمور في نهار دائم فتبخر الماء, وتخلخل الهواء وتحرق كل حي أو تصيبه بالأمراض والعلل, بينما نصفها الآخر يبقي مغمورا في ليل دائم تتجمد فيه الأحياء وتفني فناء كاملا لحرمانها من طاقة الشمس, ويختل التوازن الحراري للأرض بالكامل في كل من نصفيها, وباختلاله تنعدم الحياة, وفي مثل هذا الوضع الثابت للأرض, تسكن الظلال ولا تتحرك لا بالزيادة ولا بالنقصان.
كذلك فإنه لولا وصول سرعة دوران الأرض حول محورها الي معدلاتها الحالية, ما صلحت الأرض للعمران, فمن الثابت علميا أن هذه السرعة كانت في بدء خلق الأرض أعلي من ستة أضعاف معدلاتها الحالية, مما جعل طول الليل والنهار معا أقل من أربع ساعات, وجعل عدد الأيام في السنة أكثر من(2200) يوم, ومن الثابت علميا كذلك, أن ساعتين فقط من شروق الشمس لا تكفيان لازدهار الحياة الأرضية المعروفة لنا, ولا لراحة أو كدح مخلوق عاقل كالإنسان.
ويتكرر انتفاء صلاحية الأرض للحياة, اذا كانت سرعة دورانها حول محورها هي نفس سرعة جريها في مدارها حول الشمس فيصبح يومها هو سنتها التي يقتسمها نهار واحد وليل واحد, طول كل منهما ستة أشهر كاملة, كما هو الحال في القمر, الذي يتم دورته حول محوره في نفس مدة جريه في مداره حول الأرض فيصبح يومه هو الشهر القمري يقتسمه ليل لمدة أسبوعين, ونهار لمدة أسبوعين آخرين.
ويطلق تعبير( الظل) علي احتجاز النور عن منطقة ما, بوجود حاجز معتم يعترض مسار موجات هذا النور( الضوء المرئي) القادم من أحد مصادر الضوء في اتجاه واحد, ويفسر تكون الظل بأن موجات الضوء المرئي تتحرك في الأوساط المتجانسة في خطوط مستقيمة, ولا تستطيع الانحناء حول الأجسام المعتمة الواقعة في طريقها, فإذا كان مصدر الضوء نقطيا كان الظل هو المسقط الهندسي للعائق, ولكن اذا كان مصدر الضوء مستمرا في السقوط, وممتدا علي الحاجز المعتم فإن المقطع الهندسي للعائق يتكون من منطقة ظل داخلية تحيط بها منطقة شبه ظل خارجية أقل عتمة من منطقة الظل ومتدرجة في فقد تلك العتمة حتي تلتقي بطبقة النور, وعلي ذلك فإن منطقة الظل تكون محددة بحدود دقيقة تعكس شكل الحاجز المعترض لمسار أحزمة الضوء المرئي بدقة, اذا كانت هذه الأحزمة عمودية علي الحاجز, ويزداد حجم الظل أو يتناقص بزيادة أو نقصان زاوية سقوط حزمة الضوء المرئي علي الحاجز المعترض لها, أما منطقة شبه الظل فإن حدودها غير واضحة لتداخلها فيما حولها من مناطق النور الكامل.
وهناك فرق بين( الظل) و(الظلمة), فالظل انخفاض في شدة الضوء المرئي, أما الظلمة فهي غياب كامل له.
والنص الكريم الذي نحن بصدده, يشير الي كل من كروية الأرض, ودورانها حول محورها أمام الشمس, وجريها في مدارها حول هذا النجم بمحور مائل علي مستوي دورانها, ولولا ذلك ما تكون الظل, ولا امتد ولا قصر, كل ذلك نزل في هذا الكتاب المعجز من قبل ألف وأربعمائة سنة, وفي زمن لم يكن لأحد من الخلق إمكانية إدراك لهذه الحقائق التي لم تتوصل إليها العلوم المكتسبة إلا بعد ذلك بقرون عديدة, وإن دل ذلك علي شيء فإنما يدل علي ربانية القرآن الكريم, وعلي نبوة الرسول الخاتم الذي تلقاه( صلي الله عليه وسلم).
ثانيا: في قوله ـ تعالي:... ثم جعلنا الشمس عليه دليلا*:
من الثابت علميا أن الطيف الكهربي/المغناطيسي( الكهرومغناطيسي) المندفع إلينا من الشمس, يضم سلسلة من الموجات التي تتباين فيما بينها علي أساس من التباين في سرعات ترددها أو أطوال موجاتها, ويتراوح طول تلك الموجات بين جزء من تريليون جزء من المتر(10)-12 م بالنسبة لأشعة جاما, وعدة كيلومترات بالنسبة لموجات الراديو( الموجات اللاسلكية), ويقع بين هاتين النهايتين كل من الأشعة السينية, والأشعة فوق البنفسجية, وموجات الضوء المرئي, والأشعة تحت الحمراء.
وتتراوح أطوال موجات الاشعاعات البصرية بين(10)-2 ميكرون,(10)+2 ميكرون( والميكرون= جزءا من مليون جزء من المتر), وتضم موجات الضوء المرئي, وكلا من الاشعتين فوق البنفسجية وتحت الحمراء, وتميز عين الإنسان من الضوء المرئي سبعة أطياف فقط هي: الأحمر, والبرتقالي, والأصفر, والأخضر, والأزرق, والنيلي, والبنفسجي, وهي الألوان السبعة التي تستطيع عين الانسان تمييزها في الظاهرة المعروفة باسم قوس قزح, وإن كان الضوء المرئي في الحقيقة مكونا من أعداد لا نهائية من الأطياف المتدرجة والمتداخلة مع بعضها البعض, أطولها الطيف الأحمر, وهو في نفس الوقت أقلها ترددا, بينما الطيف البنفسجي هو أقصرها وأعلاها ترددا, ولو كان لأطياف الضوء المرئي القدرة علي اختراق الأجسام المعتمة, كما هو الحال بالنسبة لكل من أشعة جاما والأشعة السينية, والموجات القصيرة من الأشعة فوق البنفسجية ما تكونت الظلال, وكذلك الحال اذا كانت كل الأجسام شفافة, وعلي ذلك فإن الشمس هي الدليل الحقيقي علي الظل لاحتواء أشعتها علي حزمة الضوء المرئي, وهذه الحزمة لا تستطيع اختراق الأجسام المعتمة, وتتراوح شدة اضاءة الشمس ما بين ألف ليومن
(Lumen) في النهار الملبد بالغيوم ومائة ألف ليومن(Lm) علي المتر المربع من سطح الأرض في الشمس الساطعة, والليومن هي احدي وحدات قياس شدة( قوة) الضوء المرئي وتعرف بأنها كمية الفيض الضوئي الذي ينبعث في الثانية الواحدة علي المتر المربع من مصدر نقطي للضوء تبلغ شدته شمعة عيارية واحدة.
كذلك فإنه عند كل من شروق الشمس وغروبها فإن أشعتها تظهر لنا في مستوي الأفق فتخترق سمكا متعاظما من الغلاف الغازي للأرض, حتي تصل الي أبصارنا, وبذلك تتشتت الأطياف القصيرة قبل وصولها إلينا وتتركز الأطياف المتوسطة والطويلة والتي أطولها الطيف الأحمر, فيغلب هذا اللون علي كل من الشمس المشرقة والغاربة, وبذلك أيضا يصل ظل كل شيء الي أقصي مداه, ومع ارتفاع الشمس فوق الأفق يتقاصر طول الظل بالتدريج حتي الظهيرة عندما تتعامد الشمس, فيصل ظل كل شيء الي أقصر طول له, ومع بدء الشمس في التحرك من تعامدها متدرجة في الاتجاه الي الغروب, يبدأ الظل في التطاول الي الشرق حتي يصل الي أقصي طول له قبل الغروب مباشرة, ثم يختفي مع غياب الشمس, ولذلك قال ربنا( تبارك وتعالي):
... ثم جعلنا الشمس عليه دليلا*.
وذلك لأن الظل يتبع حركة صاحبه اذا كان متحركا, كما يتبع حركة مصدر الضوء نفسه كلما تحرك, فمع الحركة الظاهرية للشمس والناتجة عن دوران الأرض حول محورها, أمام هذا النجم تتحرك ظلال الأشياء باستمرار من أطولها عند الشروق الي أقصرها في الظهيرة, الي أطولها عند الغروب, ثم تختفي الظلال باختفاء الشمس, وإن تكونت بعض الظلال في ضوء البدر أو تحت الأضواء الصنعية.
والمزولة الشمسية(theSundial) التي كانت من أوائل الأجهزة التي صممت لقياس الوقت تعتمد علي حركة دوران الأرض حول محورها أمام الشمس, مما يتسبب في تحرك الظل في عكس اتجاه حركة الأرض.
ثالثا: في قوله ـ تعالي: ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا*:
وتشير هذه الآية الكريمة الي استطالة الظل, من وقت تعامد الشمس في الظهيرة, تلك الاستطالة التدريجية الي اتجاه الشرق حتي يصل الظل الي أقصي طول له قبل الغروب مباشرة, ثم يختفي بغروب الشمس ودخول الليل, وهذه الحركة التي تستغرق نصف النهار تقريبا وصفتها الآية الكريمة, التي نحن بصددها, بالقبض اليسير, أي: المتدرج, ومن الثابت علميا أن الأرض تدور حول محورها بسرعة تقدر بنحو30 كم في الدقيقة, وتجري في مدارها حول الشمس بسرعة تقدر بنحو30 كم في الثانية, وهاتان الحركتان تلعبان دورا أساسيا في مد الظل وقبضه.
وتكون الظل نعمة من نعم الله ـ تعالي ـ لأنه يحمي كلا من الإنسان والحيوان والنبات من أشعة الشمس, التي لو زادت لساعات فوق احتمال كل من هذه المخلوقات لأحرقتها ودمرتها, وذلك لخطورة بعض الموجات المكونة لأشعة الشمس, ومن أخطرها الأشعة فوق البنفسجية, وهي من الأشعات غير المرئية والتي ثبت أن لها آثارا تدميرية علي الخلايا الحية اذا تعرضت لتلك الأشعات لساعات طويلة, فالتعرض لأشعة الشمس المباشرة لساعات طويلة ومتكررة خاصة في فترات شدة الحر يسبب العديد من الأمراض التي منها سرطانات الجلد, التي قد تنتشر لبقية الجسم اذا لم تتدارك بسرعة, ومنها إكزيما الشمس, وأمراض حساسية الضوء, وأمراض الميلانوما( الأورام القتامينية الخطيرة), والتقرن الشمسي للجلد, وحروق الشمس, والتأثير علي الجهاز المناعي, وعلي العينين فتسبب مرض الماء الأبيض( الساد أو السد),.
وبتكون الظلال يتبادل كل من الليل والنهار والفصول المناخية, وتتشكل المراحل المتتالية للقمر, ويحدث الخسوف والكسوف ويمكن حساب الزمن, ولولا الظل ما بدت الأشياء مجسمة, واضحة الملامح, ومميزة بها.
هذه الحقائق نزلت في زمن سيادة الاعتقاد بثبات الأرض, وورودها بهذه الدقة العلمية القاطعة في كتاب أنزل من قبل ألف وأربعمائة سنة علي نبي أمي( صلي الله عليه وسلم), وفي أمة كانت غالبيتها الساحقة من الأميين لمما يقطع بأن هذا الكتاب لايمكن أن يكون صناعة بشرية, بل هو كلام الله الخالق, الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله, وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية, في نفس لغة وحيه ـ اللغة العربية ـ وحفظه حفظا كاملا: كلمة كلمة, وحرفا حرفا, حتي يأتي بهذه الدقة العلمية, وقد تحقق هذا الحفظ علي مدي الأربعة عشر قرنا الماضية, وسوف يستمر إلي ما لا نهاية تحقيقا لقول ربنا ـ تبارك وتعالي:
إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون* (الحجر:9).