Google Plus

الثلاثاء، 14 أكتوبر 2014

نساء الامازون : Amazons warrior


اسطورة نساء الامازون، Amazons warrior, ، تعود بتاريخها عميقا في قلب الحضارة الاغريقية، غير ان الاكتشافات الحديثة لاتظهر فقط ان من الممكن ان يكون لها اساسا حقيقيا، وانما ايضا ان وهم ضعف المرأة هو خرافة ابتكرها الرجل لاقناع المرأة بقبول هيمنته، انتهت بإعطاء الاسطور مباركة الهية، لتثبيت صورة المرأة الضعيفة والمكسورة الجناح.



عندما اراد البطل الاغريقي هيركوليس (هرقل) Herakles, or Herkules, البرهنة على آهليته وقدرته كان مضطرا للخضوع لاثنى عشرة اختباراً، حسب الاسطورة. الاختبار التاسع اوصله الى معبد الاله القمر والذي لم يكن كبقية المعابد. في هذا المعبد لم يكن يوجد رجال وانما فقط نساء يرتدون ملابس الحرب، هؤلاء كانوا الامازونات. كانت مهمة هيركوليس اختطاف نطاق ملكة الامازونات هيبولتيس Hippolytes, الذي كان يملك قوة سحرية يسيطر فيها على الرجال. هرقل نجح في سرقة الحزام، بعد ان قتل الملكة وغادر المعبد تاركا الامازونيات بدون ملكة.



حسب الاسطورة الاغريقية، كانت نساء الامازون من نسل إله الحرب اريس مع ربة الصيد والقنص ارتيميس. غير ان مكان سكنهم كان على الدوام موضع خلاف. المؤرخين الاغريقين القدما مثل هوميروس وهيرودتوس كان كل منهم يملك قصته الخاصة. بعض المؤلفين ادعى ان الامازونيات كانوا يعيشون في افريقيا والبعض الاخر اشار الى ضفاف البحر الاسود او القوقاز. هيرودوتوس ، والذي يعتبر المؤرخ الاول، كان يؤكد انهم عاشوا شمال البحر الاسود في سهول اوكراينيا وروسيا وكازاخستان حالياً.

الاسطورة تصور لنا البنية الاجتماعية لقبائل الامازونات مجتمعات تقف على قمة هرمها النساء وحدهن. الرجال كانوا يعاملون كالعبيد وليس لهم اي رأي او قيامة، وغالبا كان يجري قطع احد اطرافهم من اجل ان لايفروا او حتى لايستخدموا السلاح. من اجل الحصول على اطفال كانت نساء القبيلة تزور القبائل المجاورة مرة في السنة لممارسة الجنس مع الذكور. في حال انجابهن ذكور، لقسم منهم يجري قطع احد اطرافهم والقسم الباقي إما يقتل او يرسلوهم الى آبائهم.



إضافة الى ذلك تروي الاسطورة ان الامازونات كانوا ومنذ الصغر يباشرون التدرب على الرماية والسباحة وركوب الخيل وفن الحرب والكر والفر. وترسم لنا صور ابداعاتهن في فنون القتال والحرب. بعض الروايات وصلت في تطرفها الى حد القول ان الامازونات كانوا يقومون بقطع الثدي الايمن من اجل تحسين القدرة لديهن على شدَ السهام الى الحد الاقصى، غير ان الاغريق رسموا صور الامازونات على اوانيهم وكانوا على الدوام يملكون زوج من الاثداء. تصوير الاواني على الاغلب هو الذي يعكس الصورة الحقيقية، لان عملية اجتثاث احد الاثداء ، في ذلك العصر، سيعرض المرأة لمخاطر التلوث والالتهابات والنزيف والموت.

لايوجد اي شك ان اسطورة نساء الامازون اصبحت جزء راسخا من ثقافة اوروبا بحيث ان نهر الامازون في البرازيل حصل على اسمه بسبب انه شاع ان احد الرحالة في مجاهل الامازون التقى بقبيلة نساءها مقاتلات.
لااحد يعلم مقدار الحقيقة في هذا الادعاء الذي انتشر على شكل شعر. بشكل عام يعتبر يتعامل الباحثون مع الاساطير على انها خيال محض، جرى ابداعهم وتأطيرهم بملحمة فنية وشعرية رائعة من اجل ان تصبح قطعة تعليمية ولحفظ الخبرات التاريخية للجماعة، او للاجابة على الاسئلة العظيمة، مثل: لماذا نحن موجودين، ولماذا نختلف عن البقية؟ ملحمة هرقل تنتمي الى الاسطورة، ولذلك يفترض ان احداثها ليست تاريخية.



ومع ذلك فإن مجموعة من اللقى الاركيولوجية تشير الى ان اسطورة نساء الامازون تملك جزء من الحقيقة. الاركيولوجيين الالمان والروس والامريكان ، والذين استغلوا في السنوات الاخيرة شمال البحر الاسود، عثروا على مقبرة تعود الى 2500 سنة ممتلئة بعظام النساء والسلاح. هذا الامر خروج عن المألوف، إذ ان القاعدة ان السلاح يمكن العثور عليه في قبور الرجال.

لاحقا تم العثور على 50 قبرا على رقعة تمتد بين اوكراينيا وكازاخستان، وبعضها تحتوي على رماح واجربتها وسهام وخناجر وسيوف ودروع وملابس حديدية. بعض الباحثين حاولوا تفسير الامر انه لاغراض طقوسية وان بعض اللقى في بعض القبور تشير الى ان لبعض النساء وظيفة كهنوتية. غير انه جرى العثور على رأس سهم في صدر احدى النساء، مما يشير الى انها ماتت اثناء معركة. إضافة الى ذلك نجد ان مقابض الخناجر والسيوف اصغر مما يستخدمه الرجال، الامر الذي يحسم لصالح ان الاسلحة في المقابر جرى تصميمها خصيصا للنساء. إضافة الى ذلك جرى العثور على عظام ساقين من هيكل لفتاة في عمر الثالثة عشرة كانت الساقين ملتويتان الى الخارج مما يدل على ان الفتاة ركبت الخيول في سنوات مبكرة. مجموعة الادلة تجعل الباحثين واثقين من ان النساء كانوا محاربات تحديدا.

هذه النساء تنتمي الى قبيلتين بدويتين تسميان sauromatian & sarmatian. هاتان القبيلتان كانتا تعيشان متنقلاتان في السهول ويرعون القطعان. وكلا القبيلتان ينتميان الى شعب skyter, وهو شعب من الفرسان المقاتلة ، واصله مجهول حتى الان. هؤلاء كانوا ينتشرون في سهول اسيا الوسطى في القرن 800 قبل الميلاد. لم يكن هذا الشعب يملك لغة مكتوبة وارثه الوحيد الذي خلفه لنا هو مجموعة كبيرة من المقابر المدورة تسمى كورغان. Kurgan.

المؤرخ هيرودوتوس الذي قضى جزءً كبيرا من عمره بالترحال، وصف هذا الشعب بأنه " بربري بشكل خاص ومتعطش للدماء". يذكر ، من بين اعمالهم، انهم قاموا بسلخ جلد اعدائهم وقطع رؤوسهم من اجل استخدام جماجمهم ليشربوا بها. الاكتشافات في قبور هذا الشعب تشير الى ان كتابات هيرودوتوس لربما كانت الاقرب الى وصف الواقع، بما فيه عن نساء الامازون وموقع هذا الشعب الجغرافي.



الاغريق كانوا شعب من التجار المتنقلين والمستعمرين، وفي الالف الاولى قبل المسيح قأموا بتأسيس العديد من المدن والمراكز التجارية على طول ساحل البحر الاسود. على الاغلب اثناء ذلك التقوا بشعب السهوب ونساءه المقاتلات. ومهما كان الامر يظهر من المنطقي الاعتقاد ان النساء المقاتلات على ساحل البحر الاسود هما مصدر الالهام في اسطورة نساء الامازون الاغريقية. غير ان الباحثين توصلوا الى ان نساء السهوب المقاتلة لم يكونوا يعيشون منفصلين عن الرجال. لقد كانوا يعيشون في مجتمع احتاج الى العديد من المقاتلين للدفاع عن القبيلة المترحلة.



غير ان الاسطور الاغريقية، تماما مثل كل الاساطير الاخرى، كان لها هدفا ايديولوجيا. المجتمع الاغريقي كان بطرياركي يقف الرجل على قمة هرمه الاجتماعي والسياسي والديني، في حين ان المراة الحرة كانت لاتملك اية حرية ومجالها الوحيد هو المطبخ وفراش الرجل. المراة الحرة لم يكن مسموح لها ابدا الذهاب الى المسرح او الدخول في النقاشات السياسية. لهذا فأن الاساطير المتتداولة كانت تملك هدفا نفسي يسعى لترسيخ سلطة الذكر ورفع هيبته على الدوام. على العكس كان المجتمع البدوي لنساء الامازون لايزال قريبا من العصر الامومي حيث المراة تملك حريات واسعة. لهذا السبب فإن الاسطورة كانت تصاغ بشكل يجعل الذكر الاغريقي على الدوام منتصرا على الانثى الرمز. على الرغم من الصورة النموذجية والمخيفة التي رسمتها الاسطورة لنساء الامازون الا ان البطل الاغريقي كان هو المنتصر في اخر المطاف، وهو امر مفروغ منه. الدرس: ان المراة يمكن بالتاكيد ان تكون شجاعة ومقاتلة ولكنها مهما ارتفعت لايمكنها ان تصل الى مستوى الرجل، ولهذا السبب يجب ان يكون الرجل هو القيوم في المجتمع.



حسب الاسطورة الاغريقية قاتل نساء الامازون الى جانب ملكة طروادة عام 1180 قبل الميلاد. ملكتهم السابقة كان اسمها بنثيسيليا Penthesileia, وصادف انها قاتلت مباشرة مع اعظم ابطال الاغريق آخيل. كان قتال الملكة شجاعا وعظيما ولكنها بالطبع لن تستطيع الانتصار على افضل ابطال ذكور الاغريق. وكما هو منتظر غرز رمحه في صدرها. بعد ذلك رفع خوذتها عن وجهها ليقع على الفور في حبها ولكن بعد فات اوان انقاذها. في رواية اخرى سارع آكيل الى اغتصابها قبل ان يبرد جثمانها.

يشير الباحثين الى ان الاسطورة لها جذور في ماضي سحيق عندما كانت المراة تتمتع بسلطة عظيمة. في العصر البرونزي والعصر الحجري كان الناس يعبدون الربة الكبرى الخالقة بالولادة. كان الخلق يتساوى لديهم مع الولادة ولذلك كان الخالقة بالضرورة ربة انثى. ذلك يتطابق ايضا مع كون المراة في ذلك العصر لازالت تقف على قمة المجتمع-العائلة، والمراة هي التي كانت الشيخة والكاهنة والاكثر حظوة وممثلة الربة على الارض. مع الزمن وكبر العشيرة والتحول الى النهب والسلب بعد ان قامت بعض القبائل بمصادرة الاراضي المشاعية وتحويلها الى الزراعة، الامر الذي اضر بالقبائل المتنقلة، انتقلت وظيفة المراة الى الرجل المقاتل ليصبح ممثل الله على الارض. الصراعات الناشئة رفعت من قيمة الذكر على
حساب المراة التي سقطت قيمتها القيادية. غير ان بعض القبائل المتنقلة حافظت على عاداتها القديمة، وهو الامر الذي تشهد عليه حفريات القبور ولربما الاساطير الباقية هي محاولة من الذكور لتنظيف ضميرهم وتخديره على مايفعلوه بالمراة.

9 التعليقات:

إرسال تعليق

شارك بطرح تعليق _ سؤال _ او ابد ملاحظاتك

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

شارك

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More