إنسان النياندرتال يعد واحدا من أكثر ألغاز عصور ما قبل التاريخ غموضا. فمنذ اكتشاف جمجمته الأولى في بلغاريا عام 1829 ، تعددت وتنوعت الآراء والنظريات والفرضيات حوله إلى درجة التناقض والاختلاف، وهو الأمر الذي قاد إلى نشوء خرافات وشيوع أخطاء كثيرة عنه.
ولعل أكثر تلك الأخطاء شيوعا هي الاعتقاد بأن النياندرتال هو من أسلاف البشر الحاليين، وبأن أجدادنا أيام الكهف كانوا من النياندرتال. وهذا لعمري من أكبر الأخطاء وأعظمها. فنحن والنياندرتال نوعان مختلفان من البشر. صحيح بأننا ننتمي إلى جنس واحد يدعى (Homo ) ، أي الإنسان، وصحيح بأننا أبناء عمومة ننحدر جميعا عن جد واحد عاش في زمن ما قبل خمسمائة ألف عام، وبأننا نتشارك 99.5 من جيناتنا، وأن البعض منا لازال يحمل في جيناته قدرا ضئيلا من جينات النياندرتال ... لكن بغض النظر عن جميع تلك القواسم والمشتركات فنحن البشر الحاليين نعد نوعا مختلفا تماما، نعرف بأسم الإنسان الحديث (Homo sapiens ) فيما يعرف هو بإنسان النياندرتال (Homo neanderthalensis ).أما الخطأ الشائع الآخر فهو الاعتقاد بأن النياندرتال كان نوعا سابقا لظهور الإنسان الحديث وبأنهما لم يعيشا معا في بقعة واحدة ولم يحدث بينهما أي تقارب واختلاط، وهذا غير صحيح أيضا، فالنوعان عاشا جنبا إلى جنب منذ أن وصل الإنسان الحديث إلى القارة الأوربية قبل حوالي 43 ألف عام وحتى انقراض النياندرتال قبل حوالي 25 ألف عام.
الاكتشافات والتقنيات الحديثة ساهمت في تفنيد العديد من التصورات والاستنتاجات السابقة لدى العلماء عن النياندرتال وبدأت ترسم لنا صورة مغايرة تماما عن تلك التي علقت بأذهاننا عنه، فإنسان النياندرتال لم يكن بشعا ومتوحشا وغبيا كما اعتادت البرامج الوثائقية والأفلام السينمائية تقديمه لنا. فقد أثبتت عملية إعادة رسم وتشكيل جمجمته بواسطة الحاسوب بأن ملامحه كانت أقرب إلى ملامح الإنسان الحديث منها إلى القرد، مع بروز بسيط أعلى العين وتراجع قليل في الجبهة والذقن، كما أنه لم يكن مخلوقا كث الشعر كما يحاول البعض تصويره، فالأبحاث الحديثة ترجح بأن كثافة شعره لم تكن تختلف كثيرا عن كثافة الشعر على جسد الإنسان الحديث.
طيب إذا كان الإنسان الحديث والنياندرتال متشابهان إلى هذا الحد .. فأين هو الاختلاف بينهما ولماذا صنفا من قبل العلماء على أنهما نوعان مختلفان ؟.
في الحقيقة كانت هناك عدة اختلافات ظاهرة بينهما. فقد أثبتت الاكتشافات الحديثة، خصوصا الهيكل العظمي النادر لطفل النياندرتال الذي عثر عليه داخل كهف دودرية بالقرب من حلب في سوريا، بأن دماغ النياندرتال كان مساويا في الحجم لدماغ الإنسان الحديث عند الولادة، لكن مع تقدم السن كان دماغ النياندرتال يتفوق في حجمه على دماغ الإنسان الحديث. لكن هذا التفوق في الحجم لا يعني بالضرورة بأن النياندرتال كان أذكى من الإنسان الحديث، فالعلماء يقولون بأن طريقة نمو وتطور الدماغ بعد الولادة هي التي تلعب دورا محوريا في تحديد مقدار الذكاء، وطريقة نمو الدماغ بحسب العلماء،
كانت تصب لصالح الإنسان الحديث على حساب النياندرتال، لكن هذا الأخير لم يكن مخلوقا غبيا عديم الذكاء، إذ ربما كان ذكاءه مساويا للإنسان الحديث في بعض المجالات، فقد كان بارعا في صنع الأدوات والأسلحة الحجرية والاستفادة من جلود الحيوانات لعمل الثياب، وكان يجيد استخدام النار
وهذا فديو يوضح احتمال احياء النياندرتال
0 التعليقات:
إرسال تعليق
شارك بطرح تعليق _ سؤال _ او ابد ملاحظاتك